يكتنف الغموض، الاشتباكات المتواصلة منذ ثماني وأربعين ساعة في شمال مالي، وقد أبلغت مصادر في “الحركة العربية الأزوادية” مراسل وكالة انباء الشرق الأوسط إن المسلحين الذين نفذوا هجومًا أمس ضد بلدة “أنفيف” هم من المنتمين للحركة.
وقالت شخصية أزوادية قريبة من الحركة العربية في اتصال هاتفي من مدينة باسكنو الموريتانية: إن المهاجمين من عرب تيلمسي كانوا يرفعون راية الحركة العربية الأزوادية … ووصلت هذه الشخصية من أزواد إلى المدينة اليوم. وأضاف أحمد ولد سيدي محمد رئيس “الحركة العربية الأزوادية”، أن هذه العملية تأتي ضمن عمليات الانتقام من الاعتداءات التي تقوم بها الحركة الوطنية لتحرير أزواد، وتابع قائلاً: “نحن اعتدى علينا ومن حقنا الرد، مذكرًا بمعارك جرت في وقت سابق في منطقة “إن الخليل”.
غير أن مصادر الحركة الوطنية لتحرير أزواد، أكدت أن ما يجرى هو اقتتال بينها وجماعة التوحيد والجهاد واعتبرت الحركة في بيان لها أنها قتلت تسعة عشر من مسلحي “التوحيد والجهاد” خلال هذا الاشتباك في بلدة “انفيف” شمالي مالي. وقال موسى آغ الطاهر الناطق باسم الحركة الوطنية لتحرير أزواد في بيان نشرته الصحف الموريتانية اليوم الأحد: إن مجموعة مسلحة تابعة للتوحيد والجهاد، اقتربت من مواقع تابعة للحركة الوطنية لتحرير أزواد رافعة الرايات السوداء في محاولة لشن هجوم مباغت.
وأضاف، أن اشتباكات بين الطرفين استمرت لعدة ساعات وأدت إلى مصرع تسعة عشر شخصًا من المهاجمين، والاستيلاء على سيارة وتدمير أخرى، وقد اعترفت الحركة – في بيانها – بمقتل ثلاثة من مسلحيها وجرح اثنين غير أن مصادر أزوادية قريبة من الحركة الوطنية، أكدت مقتل خمسة من مقاتليها هم أربعة أشخاص من عرب الحركة وشخص من الطوارق، إضافة إلى جرح اربعة آخرين وقدمت هذه المصادر حصيلة أقل لخسائر المهاجمين تمثلت في مقتل ثمانية دفنوا في البلدة كما قالت.
واعتبرت هذه المصادر، أن ما يجرى عبارة اشتباكات بين حركة “التوحيد والجهاد” السلفية و”الحركة العربية الأزوادية”، وقد تبنت الحركة “العربية الأزوادية” أمس الهجوم في تصريح نسب إلى متحدث باسمها. وقالت: إنه جاء ردًا على تجاوزات يقوم بها الطوارق ضد العرب، غير أن مراقبين لفتوا إلى أن سكان “انفيف” الذين يتولون الأمن فيها تحت راية الحركة الوطنية لتحرير أزواد هم من العرب الكنتيين.
ووسط هذه الاشتباكات المتواصلة، أعلن قياديون بارزون في الحركة العربية الازوادية استقالتهم من الحركة، مبررين ذلك بما اسموه بـ “المنحى الخطير الذي انزلقت إليه الأحداث في أزواد، وخاصة الاقتتال الداخلي بين الأزواديين والذي نعتبره خطًا أحمر” على حد تعبيرهم.
وقال كل من محمد الأمين ولد أحمد النائب الثاني للأمين العام للحركة العربية الازوادية، ووافى ولد يحي رئيس المكتب الإعلامي للحركة، في رسالة خطية موجهة إلى الأمين العام للحركة أحمد ولد سيدي أحمد نشرت الأحد: إنه نظرًا للعواقب الوخيمة التي تترتب على هكذا صراعات، وانسجامًا مع موقفهم الثابت من ضرورة وحدة الشعب الأزوادى وتعايشه السلمي، وحتى لا يكونوا طرفا في هذه المعركة القذرة التي تدور رحاها بين الإخوة، وحتى يبرؤوا ذممهم ويريحوا ضمائرهم أمام الشعب الأزوادى وأمام التاريخ، فإنهم يعلنون استقالتهم من الحركة العربية الازوادية”.
وأعلن القياديون في بيان الاستقالة للرأي العام الأزوادى، أنهم لن يدخروا جهدا في جسر الهوة بين الأطراف المتصارعة، وإن استقالتهم من الحركة العربية الازوادية لا يعنى انسحابهم من المشهد الأزوادى بل يروا أن هذا الدور، لابد له من الاستقلالية السياسية في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ شعبهم”.
وناشد المستقيلون العقلاء وأصحاب الضمائر الحية من العرب والطوارق التدخل فورًا لإخماد ما وصفوه بالحريق الذي بدأ يتسع قبل فوات الأوان، وإلا فإن التاريخ لن يسامحهم وهم يتفرجون على تدمير أنفسهم بأنفسهم”. وطالب البيان الجهات الإقليمية وخاصة الدولة الموريتانية، التي تحظى بثقة من كافة الأزواديين بالضغط على كافة الأطراف لوضع حد لهذه الفتنة التي يراد لها أن تبيد ما تبقى من الشعب الأزوادى”.
ووسط هذا الغموض الذي يكتنف الوضع في شمال مالي لم يتسن لوكالة أنباء الشرق الأوسط، تأكيد هذه المعلومات من مصادر مستقلة في وقت تتصارع فيه خمس حركات ثلاث منها جهادية وترفض جميعها دخول الجيش المالي – المدعوم من فرنسا – مدنًا في الشمال المالي من بينها مدينة انيفيس التي أعلنت حركة أزواد العربية أمس السيطرة عليها.