نواكشوط ، 13/05/2013 الجديد الإخباري- افتتحت مساء اليوم الاثنين بمباني الجمعية الوطنية في نواكشوط وطبقا للمادة 52 من الدستور الدورة البرلمانية العادية لسنة 2013 وذلك بحضور عدد من أعضاء الحكومة.
وبهذه المناسبة ألقى رئيس الجمعية الوطنية السيد مسعود ولد بلخير خطابا هذا نصه:
“السادة الوزراء، زملائي النواب ، إخوتي أخواتي إن لقاءنا اليوم نظرا للظرفية السياسية التي يتم فيها لايمكن اعتباره من حيث الأهمية كمجرد افتتاح دورة برلمانية عادية تنعقد كسابقاتها، بل يجب أن ينظر إليه كفرصة أخيرة للتأمل وحسم القرار وينبغي أن لا تفوت الفاعلين السياسيين والناشطين في الرابطات ومنظمات المجتمع المدني بوصفهم المعنيين الأولين بحاضر ومستقبل البلد إن كانوا بصدق لايريدون الاستمرار في وضعية سياسية مشلولة واختلالات مؤسساتية أعاقت منذ سنتين حراك بلدنا الغالي وهددت أمنه واستقراره.
بعد هضم ما شهدته الفترة الانتدابية من تمديد فرضته الوضعية العامة ورغم تحديد ما يمكن اعتباره مقترح موعد لانتخابات مقبلة، مازال يفتقر لموافقة كل الأطراف، فعلينا الاعتراف بأن الشك وأحيانا الرفض الكامل يخيمان حتى الآن على المناخ السياسي ، بغض النظر عما تواجهه البلاد من تحديات في الداخل والخارج.
ويزيد على ذلك ما عاشته مؤخرا العاصمة وبعض المدن في الداخل من تدهور أمني لم يسبق له مثيل في تعدد الاغتيالات البشعة والاعتداءات المتنوعة على مواطنين أبرياء كثيرا ما عانوا من تدني مستوياتهم المعيشية الناجمة عن اتساع الفقر وارتفاع البطالة وكذلك غليان أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية في وسط يتغذى بالشائعات الكثيرة والمتعددة، بينما يزداد فيه في نفس الوقت عدد اللاجئين الماليين في ولاية الحوض الشرقي مذكرا في كل لحظة بخطورة الوضع على حدودنا.
إن كل هذه المعطيات المخيفة بدلا من أن تكون مبررا لتقارب وجهات النظر من أجل حماية الوطن أبرزت عكسا لذلك على مر الأيام تباين آراء الفاعلين السياسيين في تقويمهم للوضع العام للبلاد حاضره ومستقبله وهذا ما يؤكد أهمية المبادرة التي تقدمت بها والتي حظيت بقبول واسع من الأغلبية الصامتة وبعض الأحزاب السياسية وحركات ومنظمات المجتمع المدني بمختلف تشكيلاته لأن خطورة المنعرج الذي تمر به البلاد يدفعنا حتما إلى تجاوز الخلافات للتحلي بأعلى درجة من المسؤولية والوطنية وذلك ما جسدته مؤخرا الردود الجد إيجابية التي تلقيتها على التوالي من منسقية المعارضة الديمقراطية وائتلاف الأغلبية الرئاسية المعبرة عن تبنيهما للمبادرة كإطار للتشاور من أجل تجاوز المرحلة. وبهذه المناسبة السعيدة وبعد الحمد والشكر لله أهنئ الطرفين على قراريهما الشجاعين والوطنيين كما أهنئ أولئك الذين دعموا المبادرة في أول وهلة وأهنئ عاليا الشعب الموريتاني الذي عبر جليا عن تبنيه لها.
واليوم بعد أن اكتملت اللوحة أقول عاليا في هذه القاعة التي تجمعنا ربما لآخر مرة في هذه الصورة كبرلمانيين في دورة عادية إن رص الصفوف والوقوف وقفة شجعان صمموا العزم على العمل يدا بيد لبناء مستقبل أفضل لوطنهم كان وما زال هو الروح والهدف الأساسي لمبادرتي.
السادة الوزراء، السادة النواب، إخوتي أخواتي،
إنني على يقين من أن المبادرة التي من خلالها عملت طيلة الأشهر الماضية من أجل تقارب وجهات النظر تشكل أرضية صالحة لمعالجة الوضع وللانطلاق مجددا على أسس توافقية أكثر شمولية وتفتح آفاق مستقبل أفضل لشعبنا ولبلدنا.
وبخصوص الاستحقاقات المقبلة فإن اعتقادي الراسخ هو أن تنظيمها وإنجاحها مرهونان باستعادة الثقة بين الفاعلين السياسيين وطمأنة الناخبين وذلك بخلق جو استقرار وحرية يضمن مشاركة واسعة تعكس بصدق التنوع العرقي والثقافي والسياسي لبلدنا الذي لن يتحقق دون إعطاء ضمانات حقيقية وفعالة كتدقيق عملية تقييد السكان والحالة المدنية واللوائح الانتخابية مع الحفاظ على حياد الإدارة والمؤسسات الحكومية من جهة ومنع عناصر الأمن والجيش من أي تأثير على مجريات الأحداث قبل وأثناء وبعد العملية الانتخابية من جهة أخرى.
وأنتهز هذه الفرصة لأوجه طلبي من جديد وبإلحاح إلى السيد رئيس الجمهورية وكدعم منه لتبنيه المبدئي للمبادرة موافقته على تشكيل حكومة طبقا لما ورد في نص المبادرة أو بشكل آخر يتم عليه الاتفاق لأن قناعتي لا تزال في أن دور تلك الحكومة سيكون حاسما إن شاء الله في التجاوز السريع والنهائي لما يعيشه البلد من تجاذبات سلبية وعميقة ولأن الدور الأساسي لرئيس الدولة هو لم الشمل بيد أنني ولكي أكون منصفا ومعتدلا أتوجه إلى منسقية المعارضة الديمقراطية لأطلب منها بإلحاح هي الأخرى في حال تعسر الأمر أن لا تتصلب على موقفها الداعي إلى تشكيل تلك الحكومة إذا أمكن التوصل من دونها لهدف استرجاع الثقة بين الأطراف من أجل تنظيم انتخابات حرة شفافة ونزيهة ولأن الموضوعية هي سر نجاح المعارضة والثقة فيها وعلى ذلك فليتنافس المتنافسون والبادئ أكرم.
أما في ما يعني اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات فعلينا جميعا أن نعمل على أن تحظى بكامل ثقة الأطراف ومما لاشك فيه أن الموافقة على إنشاء مرصد يضم جميع الأطراف السياسية والمجتمع المدني إضافة إلى مشاركة هذه الأطراف في التشكيلات الفرعية للجنة الوطنية المستقلة للانتخابات سيساعدها على ضمان شفافية ومصداقية عملية التصويت الموكلة لها، كما يطمئن ويحث الجميع على المشاركة في الانتخابات.
أمام هذه الوضعية التي أصبحت مبشرة أكثر في الاتجاه نحو التوافق فإنني أدعوكم كمنتخبين وطنيين لنضاعف الجهود كل على مستواه من أجل الترجمة العملية لهذا التقارب النظري وأسأل الله العلي القدير أن يوفقنا جميعا حتى نجنب بلدنا كل المخاطر المحدقة به ونحقق ما يطمح له شعبنا من وحدة واستقرار وازدهار.
وأخيرا وطبقا للمادة 52 من الدستور أعلن على بركة الله افتتاح الدورة البرلمانية العادية الثانية لسنة 2013.
أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.